
شهدت الأيام الأخيرة اهتمامًا كبيرًا بشركة DeepSeek الصينية، التي كانت غير معروفة خارج الأوساط التقنية المتخصصة.
وكان إطلاق نموذجها مفتوح المصدر DeepSeek-R1 بمثابة قلب الموازين في قطاع الذكاء الاصطناعي، إذ يُعتبر الآن واحدًا من أكثر النماذج تقدمًا، ومنافسًا لنموذج OpenAI الرائد o1.
ويتميز DeepSeek-R1 بقدرته على التفكير المنطقي خطوة بخطوة، مشابهًا لطريقة عمل نموذج o1، ولكنه تم تصميمه بتكلفة منخفضة نسبيًا قُدرت بـحوالي 5 ملايين دولار فقط.
علاوة على ذلك، أتاحت DeepSeek كود المصدر الخاص بالنماذج بشكل مفتوح، مما جعل استخدامه متاحًا للجميع، وأسهم في تطوير إصدارات مخصصة لمهام محددة، بل وحتى تشغيله على الأجهزة المحمولة.
ومن ناحية أخرى، قدمت الشركة الصينية تطبيقًا مجانيًا وموقعًا يوفر واجهة تشبه ChatGPT، ولكن مع ميزة إضافية، وهي الارتباط بالبحث عبر الإنترنت.
فميزة البحث متاحة فقط عبر الويب في منصة ChatGPT وليس التطبيق. كما أنها ما زالت لم تعتمد على نموذج "o1"، بل تعتمد على عائلة GPT الأقل قوة.
تعرف على كيفية استخدام DeepSeek
DeepSeek بين الإعجاب والاتهام
أثار نجاح DeepSeek نقاشات واسعة في مختلف الأصعدة.
ووصف البعض نموذج R1 بأنه "أحد أكثر الابتكارات إثارة للإعجاب" كرجل الأعمال مارك أنديرسن.
Deepseek R1 is one of the most amazing and impressive breakthroughs I’ve ever seen — and as open source, a profound gift to the world. 🤖🫡
— Marc Andreessen 🇺🇸 (@pmarca) January 24, 2025
بينما وصلت درجة النقاشات إلى نقيض الإعجاب تمامًا، واتهام DeepSeek بسرقة البيانات من نماذج OpenAI، وتدريب نماذجها على هذه البيانات.
OpenAI stole from the whole internet to make itself richer, DeepSeek stole from them and give it back to the masses for free
— Baithoven 🎣 (@SuspendedRobot) January 23, 2025
I think there is a certain british folktale about this https://t.co/ERdt1odGF1
وبدأت هذه المزاعم في الظهور حينما تم الاعتقاد أن DeepSeek v3 هو نسخة من ChatGPT.
وبغض النظر عن تلك الادعاءات، لا شك أن النموذج يمثّل تهديدًا حقيقيًا لهيمنة الشركات الأمريكية في القطاع، خصوصًا أن تكلفته المنخفضة وخياراته المفتوحة تمثل نموذجًا اقتصاديًا جذابًا.
ويرى بعض المراقبين، مثل الصحفي Holger Zschaepitz، أن هذا التطور قد يُعيد صياغة أولويات الإنفاق في صناعة الذكاء الاصطناعي عالميًا.
ومع ذلك، أشار Yann LeCun، كبير علماء الذكاء الاصطناعي في Meta، إلى أن النجاح الحقيقي لـ DeepSeek هو نتاج الاستفادة من الأبحاث مفتوحة المصدر، بما فيها أبحاث ميتا نفسها.
وهكذا يمكن أيضًا الاستفادة من نماذج ديب سيك للتطوير، وهذه قوة المصادر المفتوحة.
DeepSeek تسبب المشاكل في شركة ميتا
وبالحديث عن Meta، فقد أثارت نماذج DeepSeek المشاكل داخل أروقة العمليات بعملاقة وسائل التواصل الاجتماعي.
وكشف أحد مهندسي Meta، أن الشركة الصينية وضعت الإدارة في موقف صعب، مشيرًا الى أن تكلفة تطوير DeepSeek v3 بالكامل أقل من رواتب بعض القادة الذين يعملون على تطوير نموذج Llama 4، والمنتظر إطلاقه هذا العام.
الرقابة الصينية على نماذجها
وبالرغم من هذه الإنجازات، تواجه DeepSeek تحديات كبيرة.
ومثلها مثل معظم النماذج الصينية تخضع لقوانين الرقابة في جمهورية الصين.
حيث لاحظ المستخدمون أن نماذج DeepSeek تتجنب الإجابة عن موضوعات حساسة مثل أحداث ميدان تيانانمن، وهو مكان احتجاجات طلابية عام 1989، وشهدت مقاومة عنيفة من الجيش الصيني.
وعند سؤال DeepSeek-R1 عن هذا الأمر، أصبح يكرر الإجابة بشكل غير منطقي.
deepseek r1 has an existential crisis. pic.twitter.com/w2Rqjg3rQc
— ben (@benhylak) January 23, 2025
هذا يزيد من التساؤلات حول قدرة R1 على المنافسة عالميًا مع الحفاظ على حيادية المحتوى.
رد فعل OpenAI
في مفاجئة، أعلن سام ألتمان -المدير التنفيذي لشركة OpenAI- عن إتاحة نموذجها "o3 Mini" مجانًا لجميع مستخدمي منصة ChatGPT.
ومن الواضح أن هذا الإعلان يأتي كاستجابة للنجاحات التي سببها R1، خاصة أن نموذج التفكير الحالي لأوبن إيه آي "o1" لم يتمتع بهذه الميزة حتى الآن، وما زال مقتصراً على الباقات المدفوعة.
بالختام، يمكننا مقارنة صعود DeepSeek بالصراع بين نظام أندرويد من Google ونظام iOS من Apple.
وإذا استمرت النماذج المفتوحة مثل DeepSeek في تقديم أداء عالٍ بتكاليف أقل، فقد تصبح الخيار الأساسي للعديد من الشركات، بينما تحتفظ الشركات الأمريكية مثل OpenAI بالموقع المتميز للنماذج المتطورة عالية التكلفة.