
أحدثت شركة "ديب سيك" الصينية، الاسم البارز في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، تطوراً جديداً في ميدان المنافسة العالمية بإعلانها عن تحديث لنموذجها الاستدلالي الشهير R1.
هذا التحديث، الذي وصفته الشركة بأنه "ترقية بسيطة"، يأتي محملاً بتحسينات ملموسة، وفقاً للذي أوردته الشركة عبر منصة "Hugging Face" للمطورين.
وتهدف هذه الخطوة إلى تعزيز قدرات النموذج على التفكير العميق ومعالجة المهام المعقدة، بالإضافة إلى إطلاق نسخة "مُقطّرة" أصغر حجماً تتميز بكفاءتها.
DeepSeek-R1-0528
تأتي النسخة المحدثة من R1 -والتي تحمل الاسم الرمزي R1-0528- بتحسن كبير في عمق الاستدلال وقدرات الاستنتاج.
وأفادت "ديب سيك" أن هذا الإصدار الجديد قلل من معدل ظهور المخرجات الخاطئة أو المضللة، المعروفة بـ"الهلوسات"، بنسبة تصل إلى 45-50% في مهام مثل إعادة الصياغة والتلخيص.
بالإضافة إلى ذلك، أظهر النموذج قدرات معززة في الكتابة الإبداعية لمختلف الأنواع الأدبية وتوليد أكواد الواجهات الأمامية، فضلاً عن تحسين أداء لعب الأدوار.
ورغم هذه التحسينات، أشار تقرير إلى أن النموذج المحدث، بحجمه البالغ 685 مليار معيار، قد يحتاج إلى عتاد متخصص لتشغيله بكفاءة. ويتوفر النموذج بموجب ترخيص MIT المتساهل، الأمر الذي يسمح باستخدامه تجارياً.
DeepSeek-R1-0528-Qwen3-8B
وبالتوازي مع التحديث الرئيسي، كشفت "DeepSeek" عن نسخة مصغرة ومُحسَّنة أطلقت عليها اسم DeepSeek-R1-0528-Qwen3-8B.
اعتمد بناء هذا النموذج الأصغر على نموذج Qwen3-8B الذي أطلقته شركة علي بابا في مايو كأساس له.
وذكرت "ديب سيك" أن هذا النموذج المقطر سجل أداءً يتجاوز نموذج Gemini 2.5 Flash من جوجل في مجموعة أسئلة الرياضيات الصعبة AIME 2025.
كما اقترب أداؤه من نموذج Phi 4 الذي أصدرته مايكروسوفت مؤخراً في اختبار آخر لمهارات الرياضيات.
وقد تم تصميم هذه النماذج المقطرة لتكون أقل تطلباً من حيث الموارد الحاسوبية، حيث أوضحت الشركة أنها استهدفت به البحث الأكاديمي في نماذج الاستدلال والتطوير الصناعي الذي يركز على النماذج صغيرة الحجم. هذا النموذج المصغر متاح أيضاً بموجب ترخيص MIT.
نجاح DeepSeek-R1 في سوق الذكاء الاصطناعي
كان الظهور الأول لنموذج R1 الأصلي في يناير الماضي بمثابة مفاجأة هزت أسواق التكنولوجيا العالمية.
فقد أثبت النموذج قدرته على منافسة، بل وتجاوز، نماذج طورتها شركات غربية عملاقة مثل "OpenAI" و"Meta AI" في عدة معايير قياسية، وبتكلفة أقل بكثير حسبما زُعم.
ووفقاً لتقارير، فإن نجاح "ديب سيك" قلب المفاهيم السائدة بأن ضوابط التصدير الأمريكية لم تعد تقف عائقًا أمام تقدم الصين في مجال الذكاء الاصطناعي.
كما دفع هذا النجاح شركات صينية كبرى أخرى مثل "علي بابا" و"تينسنت" إلى إطلاق نماذج خاصة بها تدعي تفوقها.
من ناحية أخرى، دفعت هذه المنافسة الشركات الأمريكية إلى تعديل استراتيجياتها، عبر تقديم نماذج أخف حجماً ومستويات وصول بأسعار معقولة.
دعوة للاختبار
من ناحية أخرى، استرعى تحديث R1 انتباه المراقبين، خاصة وأن "DeepSeek" لم تكشف في البداية عن تفاصيل كثيرة حوله، على عكس الإطلاق الأولي الذي صاحبه ورقة بحثية مفصلة.
في هذا السياق، أشارت تقارير إلى أن ممثلاً للشركة وصف التحديث بأنه "ترقية تجريبية بسيطة" ودعا المستخدمين لبدء اختباره.
ومع ذلك، يرى البعض في الولايات المتحدة أن تكنولوجيا "ديب سيك" قد تمثل خطراً على الأمن القومي.
وبالنظر إلى المستقبل، ما زال من المتوقع على نطاق واسع أن تكشف الشركة عن نموذج R2، الذي يعد خليفة R1، والذي كان من المخطط إطلاقه مبدئياً في مايو، وفقاً لتقارير سابقة.