في الأسبوع الماضي، تمكنت الشركة الناشئة الصينية "DeepSeek" من إحداث ضجة في عالم الذكاء الاصطناعي عبر إطلاق نموذجها مفتوح المصدر DeepSeek-R1، الذي تفوق على نماذج ميتا وأوبن إيه آي الرائدة بتكلفة تدريبية زهيدة مقارنة بمنافسيها.
هذه التطورات دفعت ميتا إلى حالة من الارتباك، حيث كشفت مصادر داخلية عن حالة من الفوضى في قسم الذكاء الاصطناعي التوليدي بالشركة.
قلق متزايد داخل ميتا بسبب تفوق DeepSeek
في أواخر العام الماضي، ظهر نموذج DeepSeek-V3 العام الماضي كعلامة فارقة في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث تفوق على Llama 3.1 من ميتا وGPT-4o من أوبن إيه آي في اختبارات الأداء.
والأكثر إثارة للدهشة هو أن الشركة أنجزت هذا الإنجاز خلال شهرين فقط، و بتكلفة 5.5 مليون دولار، وهو رقم ضئيل مقارنة بالمليارات التي تنفقها الشركات الكبرى.
ولكن الأمور لم تتوقف هنا، فمع إطلاق DeepSeek-R1، وهو نموذج متقدم في مجال التفكير والاستدلال، أصبح التهديد أكثر وضوحًا.
فالنموذج الجديد متاح برخصة مفتوحة المصدر، مما يسمح للمطورين باستخدامه وتخصيصه بحرية دون قيود، وهو ما جعله الخيار المفضل للفرق الصغيرة والشركات الناشئة ذات الميزانيات المحدودة.
شهادات داخلية تكشف حالة الفوضى
أثار هذا التفوق صدمة داخل ميتا، كما كشف أحد مهندسيها في منشور على منتدى Blind المهني بعنوان "قسم الذكاء الاصطناعي التوليدي في ميتا يعيش حالة من الذعر".
وأشار المهندس إلى أن الإدارة أصبحت في موقف صعب، حيث يتفوق نموذج DeepSeek-V3 على Llama 4 (نموذج ميتا المنتظر إطلاقه خلال هذا العام)، مع تكلفة تطوير أقل من رواتب العديد من قيادات القسم.
كتب المهندس:
ينكب المهندسون بشكل محموم على تفكيك DeepSeek ونسخ كل ما يمكنهم نسخه منه. أنا لا أبالغ على الإطلاق.
وأضاف معبراً عن الأزمة الحالية:
الإدارة قلقة بشأن تبرير التكلفة الهائلة لمنظمة الذكاء الاصطناعي التوليدي.
كيف سيواجهون القيادة في حين أن راتب كل "قائد" في منظمة الذكاء الاصطناعي التوليدي يتجاوز تكلفة تدريب DeepSeek V3 بالكامل، ولدينا العشرات من هؤلاء "القادة"؟
ووصف رد الفعل على إطلاق DeepSeek-R1 بالمرعب.
DeepSeek-R1 جعل الأمور أكثر رعبًا. لا يمكنني الكشف عن معلومات سرية ولكنها ستصبح عامة قريبًا على أي حال.
مارك زوكربيرغ يرد باستثمارات ضخمة
وفي محاولة للحفاظ على مكانة ميتا، أعلن مارك زوكربيرغ عبر حسابه في فيسبوك عن خطة استثمارية هائلة لعام 2025، واصفاً هذا العام بالحاسم في الذكاء الاصطناعي.
كما توقع أن تصل خدمات Meta AI لأكثر من مليار شخص، وأن يصبح Llama 4 الرائد في النماذج الفنية.
وتشمل الخطة ضخ ميزانية تتراوح بين 60 و65 مليار دولار، بزيادة كبيرة عن ميزانية العام الماضي التي بلغت حوالي 40 مليار دولار.
تهدف هذه الاستثمارات إلى تعزيز البنية التحتية للشركة، حيث تنوي ميتا بناء مراكز بيانات جديدة وشراء أكثر من 1.3 مليون وحدة معالجة رسومية (GPUs) لدعم تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي الخاصة بها.
وأوضح زوكربيرغ أن الهدف ليس فقط تحسين القدرات التقنية للشركة، بل أيضًا الحفاظ على ريادة السوق الأمريكي في التكنولوجيا.
في الختام، من الواضح أن صعود DeepSeek يمثل تحديًا حقيقيًا للشركات الكبرى في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث يثبت أن الإنجازات الكبرى لا تحتاج دائمًا إلى ميزانيات ضخمة.
وتلك القدرة على تقديم نماذج مفتوحة المصدر عالية الأداء وبتكلفة منخفضة تفتح الباب أمام المزيد من الابتكار، وتعيد النظر في استراتيجيات الشركات الكبرى التي تعتمد على الإنفاق الضخم.
وفي ظل هذه التطورات، يبقى السؤال: هل ستتمكن ميتا من استعادة زمام المبادرة في سباق الذكاء الاصطناعي، أم أن DeepSeek سيظل عنوانًا بارزًا للتحدي والابتكار في الصناعة؟
