في خطوة تعكس التطورات المستمرة في تقنيات الذكاء الاصطناعي، قدم باحثون من شركة "بايت دانس"، المالكة لـ "تيك توك"، نظامًا جديدًا باسم OmniHuman-1، الذي يعتبر من أكثر الأنظمة تقدمًا في إنشاء مقاطع الفيديو المزيفة بتقنية التزييف العميق (Deepfake).
ويتميز هذا النموذج بقدرته على إنتاج فيديوهات واقعية بدرجة غير مسبوقة، إذ يكفي صورة واحدة وصوت لإنشاء مقطع متحرك بأي طول وبنسبة عرض إلى ارتفاع قابلة للتعديل.
شاهد كيف يمكن لصورة واحدة للمطربة تايلور سويفت إنتاج ذلك العمل الفني.
إمكانات تقنية OmniHuman-1 في إنشاء فيديوهات واقعية
ما يميز أومني هيومان 1 هو اعتماده على 19 ألف ساعة من المحتوى البصري لتدريب النموذج. وهذا يمنحه القدرة على تعديل مقاطع الفيديو، بل وتحريك أطراف الأشخاص بشكل متقن.
وبفضل استراتيجيات تدريب متقدمة تعتمد على مزيج من الإشارات الصوتية والبصرية، يتغلب هذا النموذج على القيود التي واجهتها النماذج السابقة، حيث يستطيع محاكاة تعابير الوجه وحركات الجسد بدقة كبيرة، وهو ما يجعله أقرب ما يكون إلى الواقعية.
إليك أينشتاين إن لم يسبق لك رؤيته يتحدث من قبل.
كما يوفر OmniHuman 1 إمكانيات واسعة تشمل دعم جميع نسب العرض، سواء كانت صورة للوجه فقط أو نصف الجسد أو الجسد بالكامل، إلى جانب تحكم متقدم في جودة الحركة والإضاءة والتفاصيل النسيجية.
هذا الأمر يمنحه ميزة تتجاوز الأدوات التقليدية لإنشاء التزييف العميق.
هل كنت تتخيل أن المقطع القادم ليس حقيقيًا؟
مخاطر التزييف العميق تتصاعد
رغم التقدم التقني المبهر، يثير هذا التطور مخاوف حقيقية، خاصة مع تصاعد استخدام التزييف العميق في التضليل السياسي والاحتيال المالي.
فقد شهد العام الماضي انتشار مقاطع مزيفة بشكل واسع، بما في ذلك تسجيلات منسوبة لسياسيين دعمت مرشحين منافسين في الانتخابات، مثل الحادثة التي وقعت في تايوان عندما نُشر تسجيل صوتي مزيف لأحد السياسيين قبل الانتخابات مباشرة، مما أدى إلى ارتباك واسع.
وإلى جانب ذلك، أصبحت عمليات الاحتيال المالي باستخدام هذه التقنية أكثر تعقيدًا، حيث يتم التلاعب بصور المشاهير للإعلان عن استثمارات وهمية.
كما تعرضت شركات لعمليات خداع كبدتها خسائر بملايين الدولارات بسبب استخدام الذكاء الاصطناعي في انتحال هوية مسؤوليها.
وبحسب تقديرات "ديلويت"، فقد ساهمت المحتويات المزيفة في خسائر مالية تجاوزت 12 مليار دولار عام 2023، ومن المتوقع أن تصل إلى 40 مليار دولار في الولايات المتحدة وحدها بحلول عام 2027.
صعوبة كشف المحتوى المزيف
ومع تزايد حجم وانتشار مقاطع الفيديو المزيفة، تواجه المنصات الرقمية تحديات متزايدة في الحد من انتشارها.
فعلى الرغم من اتخاذ بعض محركات البحث والشبكات الاجتماعية مثل YouTube خطوات للحد من التزييف العميق، إلا أن سرعة تطور هذه التقنيات تجعل كشفها أكثر تعقيدًا.
ووفقًا لمسح أجرته شركة "جوميو" للتحقق من الهوية في مايو 2024، أفاد 60% من المشاركين بأنهم واجهوا محتوى مزيفًا خلال العام الماضي، بينما أعرب 72% عن مخاوفهم من الوقوع ضحية لهذه التقنيات يوميًا.
بالإضافة إلى ذلك، أبدى غالبية المستطلعين دعمهم لسن قوانين أكثر صرامة لتنظيم استخدام التزييف العميق.
وفي ظل غياب تشريعات اتحادية صارمة في الولايات المتحدة، تبنت أكثر من عشر ولايات قوانين لمكافحة انتحال الهوية باستخدام الذكاء الاصطناعي.
وتُعتبر ولاية كاليفورنيا من أبرز الولايات التي تحاول تمرير قانون يمنح القضاة صلاحية إلزام ناشري المقاطع المزيفة بحذفها، مع فرض غرامات مالية محتملة على المخالفين.
وفي فبراير الماضي، وقع المئات من المتخصصين في الذكاء الاصطناعي على خطاب مفتوح يطالب بوضع لوائح أكثر صرامة للتحكم في التزييف العميق، لكن تطبيق هذه القوانين يظل تحديًا في ظل تطور الأدوات التي تجعل من الصعب تمييز المقاطع الحقيقية عن المزيفة.
وعلى الرغم من الإمكانات الهائلة التي توفرها أومني هيومان 1 في مجالات مثل الترفيه وصناعة المحتوى، إلا أن المخاوف المتعلقة بإساءة استخدامها لا يمكن تجاهلها.
وبينما يسابق الباحثون الزمن لتطوير آليات تمييز المحتوى الحقيقي عن المزيف، يبقى مستقبل هذه التقنية مرتبطًا بمدى قدرة الحكومات والمنصات الرقمية على مواكبة التطورات السريعة التي يشهدها هذا المجال.
