شهدت الساحة التقنية ظهور DeepSeek-R1 كواحد من أكثر نماذج الذكاء الاصطناعي إثارة للجدل، كما تصدر متاجر التطبيقات متفوقًا على ChatGPT في الولايات المتحدة.
وبالرغم من قدراته المتقدمة في البرمجة والاستدلال، فإن سياسته في التعامل مع الموضوعات الحساسة أثارت تساؤلات حول مدى استقلاليته ومدى توافقه مع التوجهات الرسمية للصين.
التجاهل المقصود للموضوعات الحساسة
وفقًا لتقرير حديث، عند اختبار DeepSeek بمئات الأسئلة المتعلقة بالسياسة الصينية، أظهر النموذج نزعة واضحة لتجنب الإجابة أو تقديم ردود سطحية ومبرمجة مسبقًا.
وأشار التقرير أن النموذج رفض الإجابة على 85% من الأسئلة المصنفة على أنها "حساسة"، والتي تضمنت موضوعات مثل مذبحة تيانانمن، قضية تايوان، أوضاع الأويغور في شينجيانغ، والرقابة على الإنترنت.
أمثلة على الموضوعات التي يتجنبها DeepSeek-R1
قمت بتجربة بعض الاسئلة الشائكة التي يحاول نموذج التفكير الصيني تجنبها.
وما لفت انتباهي، أنه يقدم أحد السلوكيات التالية
- رفض الإجابة مباشرة
- يقوم بالرد التفصيلي بحيادية نوعًا ما أثناء التفكير، ثم فجأة تختفي الإجابة، مع قول أنه لا يمكنه الحديث بهذا الشأن.
- في بعض الأحيان، عند استخدام ميزة تعديل المطالبة، وإضافة أي كلمة غير هامة أو حتى علامة استفهام، من أجل تمرير التعديل، يرد النموذج هذه المرة بإجابة كاملة، وبدون تهرب.
مذبحة تيانانمن (1989)
وهي سلسلة من الاحتجاجات الطلابية التي شهدتها ساحة تيانانمن في بكين عام 1989، مطالبة بالإصلاحات الديمقراطية ومكافحة الفساد.
وقامت الحكومة الصينية بقمع المتظاهرين بعنف، باستخدام الدبابات والأسلحة النارية، مما أسفر عن سقوط عدد كبير من الضحايا، وسط إدانات دولية.
وعند سؤال R1 عن تفاصيل هذه الأحداث، كانت إجابته:
"آسف، لست متأكدًا من كيفية التعامل مع هذا النوع من الأسئلة حتى الآن. دعنا نتحدث عن الرياضيات والبرمجة ومسائل المنطق بدلاً من ذلك."
وكانت هذه هي نفس الاستجابة عند الاستفسار عنه بشأن وضع الأويغور في شينجيانغ.
هل تايوان مستقلة
حينما سألته عن تايوان كدولة مستقلة، تبنى النموذج وجهة النظر الرسمية للصين، مؤكدًا على أن "تايوان جزء لا يتجزأ من الصين".
الصراع الصيني-الهندي
تجنب DeepSeek الحديث عن حرب 1962 أو القضايا الحدودية بين الصين والهند، خصوصًا عند ذكر ولاية أروناتشال براديش المتنازع عليها.
احتجاجات هونغ كونغ
وهي سلسلة من المظاهرات والاضطرابات المدنية التي اندلعت في عام 2019 واستمرت حتى عام 2020.
وكانت تلك الاحتجاجات مدفوعة بمخاوف عميقة لدى سكان هونغ كونغ بشأن تآكل الحكم الذاتي المتفق عليه مع الصين، وفقدان الحريات التي يتمتعون بها بموجب مبدأ "دولة واحدة ونظامان"، بالإضافة إلى المطالبة بتحقيق ديمقراطية كاملة في المدينة. وانتهت المظاهرات بقمع واسع النطاق من قبل السلطات.
وعند الاستفسار من R1 بشأن تلك الأحداث، اختفت إجابته التي كان يقدمها أثناء التفكير، وظهرت نفس رسالة الرفض الاعتيادية.
وحينما عدلت السؤال بإضافة كلمات غير هامة في السياق، مثل "تكلم بالعربية"، أعطى هذه المرة إجابة حيادية من منظور الروايات المختلفة.
لماذا يتجنب DeepSeek هذه الموضوعات؟
يبدو أن نهج DeepSeek يعكس السياسات التنظيمية الصارمة التي تحكم الذكاء الاصطناعي في الصين.
إذ تخضع النماذج المطورة محليًا لرقابة دقيقة تضمن توافقها مع توجهات الحزب الشيوعي الصيني، ما يجعلها تلتزم بسردية رسمية تبتعد عن أي محتوى قد يُعتبر غير ملائم.
وهذا الأمر لا يتعلق فقط بنموذج معين أو شركة، بل هو نهج تتبعه معظم النماذج الصينية.
وفي ضوء تلك السياسات، كانت منصة Hugging Face قد حذرت من خطر هذه الأدوات.
هل توثر قيود ديب سيك على مكانته عالميًا؟
رغم أن DeepSeek حقق نجاحًا واسعًا على المستوى التقني، فإن تجنبه لمواضيع حساسة يطرح تساؤلات حول مدى ملاءمته للمستخدمين خارج الصين.
فبينما تعتمد منصات مثل ChatGPT أو Claude AI نهجًا أكثر انفتاحًا في معالجة القضايا الجدلية، يظل DeepSeek مقيدًا بإطار محدد سلفًا، وهو ما قد يُضعف جاذبيته للمستخدمين الذين يبحثون عن إجابات غير خاضعة للرقابة.