

تشهد الساحة التكنولوجية في دولة الإمارات العربية المتحدة حراكًا لافتًا، يتجسد في شراكة طموحة أُعلن عنها مؤخرًا مع شركة OpenAI، الرائدة عالميًا في أبحاث الذكاء الاصطناعي.
تضع هذه الخطوة -التي وصفت بالاستراتيجية- تضع الإمارات في قلب تطورات الذكاء الاصطناعي، وتفتح آفاقًا واسعة لدمج هذه التقنيات في مختلف قطاعات الدولة، وسط تداول معلومات حول إمكانية حصول كل مقيم على اشتراك ChatGPT Plus المتميز دون أي تكلفة.
شراكة متعددة الأوجه ومشروع "ستارجيت الإمارات" الطموح
في تفاصيل هذا التعاون، برز مشروع ضخم يحمل اسم "ستارجيت الإمارات" (Stargate UAE)، وهو مركز بيانات هائل مخصص للذكاء الاصطناعي سيقام في أبوظبي.
وأفادت التقارير أن هذا المركز يأتي ضمن برنامج OpenAI الموسع المعروف باسم "OpenAI من أجل الدول"، الذي يهدف إلى مساعدة الدول على بناء أنظمتها وأدواتها الخاصة في مجال الذكاء الاصطناعي، بالتعاون الوثيق مع الولايات المتحدة.
ووصف سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI، هذا المشروع بأنه يحمل "رؤية جريئة"، معربًا عن أمله في أن يسهم في إيصال منافع الذكاء الاصطناعي، مثل تحسين الرعاية الصحية وتحديث التعليم وتوفير الطاقة النظيفة، إلى مناطق أوسع حول العالم.
ويضم هذا التحالف أسماء بارزة في عالم التكنولوجيا، من بينها أوراكل، وإنفيديا، وسيسكو، وسوفت بنك، بالإضافة إلى شركة G42 الإماراتية للذكاء الاصطناعي، المدعومة من مايكروسوفت.
ومن خلال هذا التكتل، تطمح الأطراف المشاركة إلى جعل الإمارات نقطة ارتكاز رئيسية للذكاء الاصطناعي في المنطقة.
ومن المتوقع أن تبدأ المرحلة الأولى من مركز "ستارجيت الإمارات"، بقدرة تقارب 200 ميجاوات، العمل خلال العام القادم، كجزء من خطة لبناء نظام حوسبة للذكاء الاصطناعي بقدرة واحد جيجاوات.
وأشارت مصادر أخرى إلى أن هذا المركز هو جزء من "حرم الإمارات والولايات المتحدة للذكاء الاصطناعي" في أبوظبي، بقدرة إجمالية تصل إلى 5 جيجاوات، وأن التشغيل الأولي لجزء من "ستارجيت الإمارات" سيكون في عام 2026.
هل يصبح ChatGPT Plus مجانيًا للجميع في الإمارات؟
أحد أبرز الجوانب التي أثارت اهتمامًا واسعًا في أعقاب الإعلان عن هذه الشراكة هو الحديث عن إمكانية حصول كل شخص يعيش في الإمارات على اشتراك ChatGPT Plus مجانًا.
ويوفر هذا الاشتراك مزايا متقدمة مثل الوصول إلى أحدث نماذج GPT-4o، واستجابات أسرع، وأولوية الوصول خلال فترات الطلب العالي.
وفي حال تحقق ذلك، ستكون الإمارات الدولة الأولى عالميًا التي تقدم هذه الميزة المتقدمة لجميع سكانها.
في المقابل، أوضحت بعض التحليلات الصحفية أن البيان الرسمي الصادر عن OpenAI بخصوص "ستارجيت الإمارات" ذكر أن الشراكة ستجعل الإمارات "أول دولة في العالم تُفعِّل ChatGPT على الصعيد الوطني – بما يمنح الأشخاص في جميع أنحاء البلاد القدرة على الوصول إلى تقنية OpenAI".
ولم يشر هذا البيان صراحة إلى أن اشتراك "ChatGPT Plus" سيصبح مجانيًا لجميع السكان.
وقد سعت جهات إعلامية للحصول على توضيح من OpenAI وG42 حول هذه النقطة.
الجدير بالذكر أن النسخة الأساسية من ChatGPT متاحة بالفعل في الإمارات، مع وجود خيارات مدفوعة للحصول على ميزات موسعة.
وعند سؤال ChatGPT نفسه حول هذا الأمر، أشار إلى التقارير الإعلامية، لكنه أوضح أن OpenAI لم تؤكد رسميًا مجانية النسخة المتميزة، وأنها تظل خدمة مدفوعة ما لم يصدر إعلان رسمي بخلاف ذلك.
أهداف أبعد من البنية التحتية
لا يقتصر طموح هذا المشروع على بناء مراكز بيانات ضخمة فحسب، بل يهدف إلى تقريب الذكاء الاصطناعي من الناس.
وتسعى OpenAI، من خلال برنامج "OpenAI من أجل الدول"، إلى تطوير نماذج ذكاء اصطناعي تتناسب مع الاحتياجات المحلية لكل بلد، بما في ذلك دعم اللغات المحلية والالتزام بالقوانين الخاصة بكل دولة.
هذا النهج يسهم أيضًا في حماية بيانات المستخدمين وضمان استخدام الذكاء الاصطناعي بطريقة عادلة ومسؤولة.
استثمارات متبادلة ورؤية مستقبلية
تشمل الاتفاقية أيضًا تعهدًا من جانب الإمارات بمضاهاة إنفاقها على الذكاء الاصطناعي محليًا باستثمار مبلغ مماثل في مشاريع الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة.
وذكرت تقارير أن هذا يمكن أن يصل إلى إجمالي استثمارات بقيمة 20 مليار دولار، مقسمة بين منطقة الخليج والولايات المتحدة.
ويتوقع أن يزور جيسون كوون، كبير مسؤولي الاستراتيجية في OpenAI، دولًا أخرى في منطقة آسيا والمحيط الهادئ لبحث شراكات مماثلة، في إشارة إلى أن تجربة الإمارات قد تكون مجرد بداية لمساعدة المزيد من الدول على إنشاء أنظمتها الخاصة للذكاء الاصطناعي.
هذا التعاون، وفقًا لـ OpenAI، سيساعد الإمارات على الاستفادة من أدوات الذكاء الاصطناعي في قطاعات حيوية مثل الحكومة، والطاقة، والرعاية الصحية، والتعليم، والنقل، بما يدفع عجلة الابتكار والنمو الاقتصادي.
ومن المتوقع أن يوفر "UAE Stargate" بنية تحتية إقليمية وقدرة حوسبية قادرة على خدمة ما يصل إلى نصف سكان العالم ضمن دائرة نصف قطرها 2000 ميل.