سبوتيفاي تتحالف مع سوني ويونيفرسال لتطوير أدوات ذكاء اصطناعي تحمي حقوق الفنانين
سبوتيفاي وعمالقة الموسيقى يتحدون: ملامح عصر جديد للذكاء الاصطناعي في عالم الأغاني
في خطوة استراتيجية قد ترسم مستقبل العلاقة بين التكنولوجيا والإبداع، أعلنت منصة سبوتيفاي، أكبر خدمة بث موسيقي في العالم، عن عقدها شراكات واسعة مع أقطاب صناعة الموسيقى. تهدف هذه الشراكات إلى تطوير أدوات ذكاء اصطناعي جديدة تضع الفنانين وصناع المحتوى في المقام الأول.
في هذا الإطار، دخلت سبوتيفاي في اتفاقيات مع كبرى شركات الإنتاج العالمية، وعلى رأسها «سوني ميوزيك»، و»يونيفرسال ميوزيك جروب»، و»وارنر ميوزيك جروب». وانضمت إلى هذا التحالف أيضًا شركة «مرلين» التي تمثل حقوق شركات الإنتاج المستقلة، وشركة «بيليف» المتخصصة في تطوير الفنانين، وهو ما يعكس إجماعًا واسعًا داخل الصناعة على ضرورة تنظيم استخدامات الذكاء الاصطناعي.
مبادرة لحماية الإبداع لا استبداله
تأتي هذه الخطوة كرد فعل على المخاوف المتزايدة داخل الأوساط الفنية من انتشار الأغاني المولّدة بالذكاء الاصطناعي دون احترام لحقوق الملكية الفكرية. ووفقًا لبيان رسمي من سبوتيفاي، فإن الشركة تؤمن بأن «حقوق الموسيقيين مهمة، وحقوق النشر أساسية». وبهذا، تضع المنصة نفسها في مواجهة بعض الأصوات في قطاع التكنولوجيا التي تدعو إلى التخلي عن حقوق النشر التقليدية.
أوضحت الشركة أنها بدأت بالفعل في بناء مختبر أبحاث وفريق عمل متخصص في الذكاء الاصطناعي التوليدي، ستكون مهمته ابتكار تقنيات مسؤولة تعزز من قدرات الفنانين بدلاً من تهميش دورهم.
الفنان أولاً: الاختيار والتعويض العادل
أحد أبرز المبادئ التي يقوم عليها هذا التعاون هو منح الفنانين حرية الاختيار. فلن يكون استخدام أعمالهم في تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي أو توليد محتوى جديد إجباريًا، بل سيخضع لموافقتهم المسبقة. وأكدت سبوتيفاي أنها ستعمل على إنشاء نظام يضمن حصول الفنانين وكتاب الأغاني وأصحاب الحقوق على تعويضات مالية عادلة وشفافة عند استخدام أعمالهم.
من ناحية أخرى، لاقت هذه المبادرة ترحيبًا كبيرًا من شركاء سبوتيفاي. فقد صرح روب سترينجر، رئيس مجلس إدارة «سوني ميوزيك»، بأن هذا التعاون يمثل إقرارًا بأن الترخيص المباشر قبل إطلاق أي منتجات جديدة هو السبيل الوحيد لبناء سوق صحي يعود بالنفع على الجميع.
وفي سياق متصل، شدد لوسيان غرينج، رئيس «يونيفرسال ميوزيك»، على ضرورة العمل مع شركاء استراتيجيين مثل سبوتيفاي لتمكين منتجات الذكاء الاصطناعي ضمن مشهد تجاري مزدهر للجميع. وبدوره، أعرب روبرت كينكل، الرئيس التنفيذي لمجموعة «وارنر ميوزيك»، عن دعمه للضوابط المدروسة التي تضعها سبوتيفاي، ورحب بفرصة «رسم ملامح المستقبل معًا».
ماذا بعد هذا الإعلان؟
رغم أن سبوتيفاي لم تكشف عن منتجات محددة بعد، إلا أن الإعلان بحد ذاته يمثل نقطة تحول. فهو ينقل النقاش من مجرد ردود أفعال على الأغاني المنتشرة بشكل غير قانوني إلى بناء إطار عمل استباقي. وبدلاً من «طلب المسامحة لاحقًا»، كما تفعل بعض الشركات التقنية، اختارت سبوتيفاي مسار «الاتفاق المسبق».
وبينما يستمر الجدل حول تأثير الذكاء الاصطناعي، يبدو أن صناعة الموسيقى قررت أن تأخذ بزمام المبادرة، لتضمن أن تظل التكنولوجيا دائمًا في خدمة الفن، وليس العكس.