
من التطورات الكبيرة التي نشاهدها اليوم في مجال الذكاء الاصطناعي هو ما كشفته جوجل مؤخرًا بإطلاقها بروتوكول Agent2Agent (A2A).
والفكرة الثورية هنا هي جعل تطبيقات الذكاء الاصطناعي المختلفة التي تستخدمها الشركات بإمكانها "التحدث" مع بعضها البعض و"التعاون" لإنجاز المهام بشكل أسرع وأكثر ذكاءً.
ما المشكلة التي يحلها A2A
تعتمد الشركات على العديد من أدوات الذكاء الاصطناعي ("المساعدين الأذكياء" أو "الوكلاء") لأتمتة مهام مختلفة، مثل خدمة العملاء، إدارة المخزون، أو حتى التوظيف.
لكن المشكلة الكبرى هي أن كل "مساعد ذكي" غالبًا ما يعمل بمفرده، كأنه في جزيرة منعزلة، ولا يستطيع التواصل مع المساعدين الآخرين، خاصة إذا كانوا من شركات برمجية مختلفة.
يجبر هذا الوضع الشركات على بناء عمليات ربط برمجية معقدة ومكلفة بين هذه الأنظمة، أو ترك بعض الفجوات في سير العمل، والتي تتطلب تدخلًا بشريًا.
ما هو Agent2Agent (A2A)
القدرات
تجربة المستخدم
والحالة
الآمن
سنعتبر A2A كأنه "لغة مشتركة" أو "مترجم عالمي" يسمح لهؤلاء المساعدين الأذكياء المختلفين بالتفاهم والتحدث مع بعضهم البعض، حتى لو كانوا من "جنسيات" (شركات) مختلفة ويتحدثون "لهجات" (برمجيات) مختلفة.
فهو مجموعة من القواعد المفتوحة والمتاحة للجميع، لتمكين هذه الأدوات من:
١. التعرف على بعضها: يمكن لكل مساعد أن يقدم "بطاقة تعريف" (تسمى Agent Card) توضح ما هي المهام التي يجيد القيام بها.
٢. تبادل المهام وتنسيقها: يستطيع مساعد أن يطلب المساعدة من مساعد آخر لإنجاز جزء من مهمة معقدة، ويتعاونان معًا لإتمامها.
٣. العمل كفريق: يمكن لمجموعة من المساعدين العمل معًا خطوة بخطوة لإنجاز عملية كاملة تتطلب خبرات متنوعة.
٤. التحدث بصوت واحد للمستخدم: حتى لو شارك أكثر من مساعد في تقديم خدمة لك، سيعملون معًا لتبدو التجربة سلسة وموحدة.
ولأن A2A يعتمد على تقنيات الويب المعروفة (مثل HTTP و JSON)، فإن تطبيقه ودمجه في الأنظمة الحالية يعتبر سهلاً نسبيًا للمطورين.
لماذا هذا الأمر مهم جدًا؟
كما وضحنا سابقًا، تكمن أهمية A2A في قدرته على كسر الحواجز بين أنظمة الذكاء الاصطناعي.
وهذا يعني:
١. كفاءة أعلى: بدلاً من العمليات اليدوية أو الحلول المؤقتة، يمكن للأنظمة المختلفة التعاون تلقائيًا لإنجاز المهام بشكل أسرع.
٢. تكلفة أقل: لا حاجة لإنفاق مبالغ طائلة على بناء حلول ربط مخصصة لكل نظامين منفصلين.
٣. ابتكار أسرع: يمكن للشركات الجمع بين أفضل الأدوات الذكية من مختلف الموردين لجعل أعمالها أكثر فعالية.
٤. تجربة أفضل للعملاء والموظفين: عندما تعمل الأنظمة معًا بسلاسة، تكون الخدمة أسرع وأكثر دقة.
أمثلة عملية للتوضيح
من أجل إيصال الفكرة بشكل أفضل، سأطرح مثاليين عمليين.
١. إطار صغير مثل عملية توظيف
يمكن لمدير التوظيف أن يطلب من مساعده الذكي البحث عن مرشحين بمواصفات معينة.
يقوم هذا المساعد، باستخدام A2A، بالتواصل مع مساعد آخر متخصص في البحث في قواعد بيانات المرشحين، ثم يتواصل مع مساعد ثالث لجدولة المقابلات، وربما مساعد رابع لإجراء الفحص الأمني لاحقًا.
٢. إطار أكبر مثل الشحن
سيعمل الوكيل المختص في سلسلة الإمداد برصد تأخير في الشحنات، ليقوم وكيل آخر من قسم خدمة العملاء بتحليل عدد المتأثرين، بينما يعيد وكيل ثالث من قسم العمليات جدولة عمليات التسليم.
وكل هذه العمليات تتم بتنسيق تلقائي وسلس، وبالتالي توفير الوقت والجهد.
ولذلك، يمثل A2A خطوة كبيرة نحو ما يسمى بـ "الذكاء المؤسسي المنسق".
فبدلاً من وجود أنظمة منفصلة من الذكاء الاصطناعي داخل الشركة، يمكن ربطها جميعًا لتصبح شبكة واحدة متعاونة.
وستكون الشركات التي تبدأ في استكشاف وتطبيق هذا البروتوكول في وضع أفضل للاستفادة من الإمكانيات الهائلة من "الذكاء الاصطناعي التعاوني".
توجه الصناعة نحو بروتوكول جوجل
في الختام، ما يزيد من أهمية A2A هو الدعم الكبير الذي حصل عليه منذ إطلاقه.
فأكثر من 50 شركة تقنية كبرى، من بينها Salesforce، SAP، ServiceNow، MongoDB، وغيرها الكثير، بالإضافة إلى شركات استشارية عالمية مثل Deloitte و Accenture، أعلنت دعمها لهذا البروتوكول.
وهذا يعني أن هناك توجهًا صناعيًا نحو تبني هذه "اللغة المشتركة".
ووفقًا لتحليلات من شركة Deloitte، من المتوقع أن يساهم A2A في خفض كلفة الدمج بين الأنظمة بشكل كبير، إلى جانب تسريع زمن الاستجابة وتحسين تجربة المستخدم.
والشيء المميز أيضًا هو أن A2A مفتوح المصدر، وهذا يعني أن أي مطور أو شركة يمكنها استخدامه، الاطلاع على طريقة عمله، وحتى المساهمة في تطويره وتحسينه مجانًا.
بالتالي من المؤكد أننا سنرى مزيد من التحسينات على هذا النظام مستقبلًا.