
بدأت ثقة المستخدمين في نموذج الذكاء الاصطناعي "Claude" من شركة Anthropic تتآكل بصورة لافتة، بعد أن كان يُنظر إليه كواحد من أبرز المنافسين في سوق النماذج اللغوية الكبيرة.
ولم تعد الانتقادات مقتصرة على مستخدمين عاديين، بل شملت مطورين محترفين ومشتركين في الخطط المدفوعة، وهو ما يثير تساؤلات حقيقية حول مستقبل المنصة في ظل المنافسة الشرسة من أمثال OpenAI وGoogle.
اشتراكات مدفوعة... وخدمة محبطة
رغم أن الكثير من المستخدمين انتقلوا إلى الخطط المدفوعة مثل Pro وMax على أمل الحصول على أداء أفضل، إلا أن التجربة العملية كانت مختلفة تمامًا.
وقال أحد المستخدمين -في منتدى Reddit- صراحة إنه ألغى اشتراكه بسبب "القيود غير المعقولة"، مضيفًا أن أدوات مجانية مثل Gemini Studio قدمت له نتائج أكثر كفاءة في مهام البرمجة.
وفي حالات أخرى، أشار مستخدمون إلى أنهم يضطرون إلى إعادة شرح الطلبات باستمرار بسبب انقطاع السياق، ما يُهدر وقتهم ويقلل من إنتاجيتهم.
حتى من اشترى خطة Max، والتي تُعد الأغلى، لم يسلم من المشكلات ذاتها، حيث أكد أحدهم أنه يلجأ إلى مسح السياق بعد كل مهمة تقريبًا ليتمكن من المتابعة.
فرق العمل أيضًا غير راضية
ولم تتوقف الانتقادات عند الاستخدام الفردي.
أحد أعضاء فريق يستخدم خطة "Claude Team" المخصصة لفرق العمل، أفاد بأن جلسات العمل تنهار لمجرد فتح ملفات صغيرة، مؤكدًا أن حتى الأوامر البسيطة لم تعد تُستكمل بشكل طبيعي.
تشير هذه التجارب إلى فشل النموذج في تلبية احتياجات الفرق التقنية، رغم الاشتراكات السنوية المسبقة.
حدود استخدام خانقة دون إشعار
كشف المطور "إدوارد روزغا" من شركة Prezi هو الآخر عن معاناته مع القيود المفروضة على عدد الرسائل أو "التوكنات" المسموح بها في الدقيقة.
ووفقًا له، أصبح من المعتاد أن يصل المستخدم إلى الحد الأقصى في غضون ساعة، ويضطر للانتظار 2 إلى 3 ساعات قبل التمكن من استخدام Claude من جديد.
من ناحية أخرى، أشار العديد من المستخدمين إلى غياب أي تنبيه رسمي من Anthropic بخصوص التغييرات التي طرأت على نظام القيود أو الأسعار، ما زاد من حالة الإرباك.
وتطرق أحدهم إلى تحديث جديد في صفحة الدعم يكشف أن خطة Max تتضمن جلسات مدتها خمس ساعات فقط، الأمر الذي وصفه بأنه "مخيب جدًا للآمال"، خاصة أن تكلفة الخطة تصل إلى 300 دولار في أستراليا.
تراجع حاد في الأداء والانتشار
وفقًا لبيانات حركة الويب والاختبارات المعيارية، يتضح أن Claude لم يعد يحتفظ بمكانته في صدارة نماذج الذكاء الاصطناعي.
وفي يناير 2025، أظهرت الإحصاءات أن المنصة تراجعت بشكل كبير في مؤشرات التفاعل والمشاركة، مقارنةً بـ ChatGPT من OpenAI وGemini من Google.
وعلى صعيد الأداء، لم يتمكن Claude من المنافسة في مجالات حاسمة مثل دقة المخرجات، وتفضيل المستخدم البشري، وقدرات البرمجة. بينما أحرز منافسوه، وخصوصًا Gemini 2.5 Pro وGPT 4.1، تقدمًا ملحوظًا، بقي Claude بعيدًا عن المراكز الأولى.
أسباب تراجع Claude
يربط العديد من الخبراء هذا التراجع بالتركيز الزائد من Anthropic على مفاهيم الأمان البحثي على حساب الابتكار السريع وتحسين تجربة المستخدم.
ورغم أن هذا التوجه يعتبر جيدًا من الناحية الأخلاقية، إلا أن السوق حاليًا لا ينتظر، بل يكافئ من يطور ويجرب وينشر بسرعة.
في هذا السياق، يرى البعض أن محاولات الشركة لإعادة الثقة من خلال تقديم ميزات مثل "Claude Max" باءت بالفشل بسبب القيود المفروضة التي لا تتماشى مع احتياجات المستخدمين، خصوصًا على مستوى الشركات والمؤسسات.
هل لا يزال هناك أمل؟
رغم كل شيء، ما زال بعض المستخدمين يعربون عن أملهم في استعادة Claude لمكانته، مشيرين إلى أن النموذج، حين يعمل بكفاءة، يقدم نتائج مبهرة في التحليل المنطقي وصياغة المحتوى.
كما أبدى البعض رغبة في العودة إلى Claude بشرط تحسين التجربة والتقليل من القيود التقنية المفروضة.
بالختام، لا نستطيع القول بأن Claude يخسر قدراته التقنية كليًا، لكنه في وضع يخسر فيه المستخدمين تدريجيًا.
وإذا لم تتخذ Anthropic خطوات ملموسة لتحسين تجربته، قد تجد نفسها خارج المنافسة في سوق يتحرك بسرعة، ويكافئ الأفضل أداءً وتجاوبًا مع حاجات المستخدمين.