
انتشرت مؤخرًا على مواقع التواصل الاجتماعي ادعاءات بكسب المال وتحقيق أرباح خيالية من خلال تأليف كتب أطفال باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، وعلى رأسها "ChatGPT".
يؤكد البعض أنهم يجنون آلاف الدولارات شهريًا من خلال بيع كتب إلكترونية لا تتطلب سوى بضع نقرات لإنشائها. فهل هذه الحيلة الرقمية بالفعل طريقة سهلة للربح؟ أم أنها مجرد فقاعة تسويقية؟
الادعاء: أرباح تفوق 10 آلاف دولار شهريًا
في مقطع فيديو قصير على "تيك توك" بعنوان طريقة سهلة لتحقيق أكثر من 10000 دولار شهريًا باستخدام ChatGPT، يقول أحد المؤثرين على "تيك توك" إن تأليف كتب الأطفال لم يعد يتطلب مهارة أو وقتًا، فـ"الذكاء الاصطناعي يقوم بكل شيء".
ويدّعي آخر أنه يحقق 500 دولار يوميًا فقط باستخدام "شات جي بي تي" لكتابة القصص وأدوات مثل "Midjourney" لتوليد الرسوم، ثم نشرها عبر منصات مثل "Amazon Kindle" أو "itsy".
الواقع: السوق مزدحم، والمنافسة شرسة
لكن خبراء في صناعة النشر يرون أن إنشاء الكتاب ليس سوى الخطوة الأولى، بينما التحدي الحقيقي يكمن في بيعه.
يقول جون وارن، مدير برنامج النشر في جامعة جورج واشنطن: "سهولة الإنتاج تعني دخول عدد ضخم من المنافسين، ما يؤدي لانخفاض الأسعار وصعوبة التميز".
ويضيف: "قد يكون من السهل إنشاء المحتوى، لكن النجاح يتطلب خطة تسويق ذكية واستثمارًا في الإعلانات أو تحسين محركات البحث".
هل يربح المؤثرون من الكتب أم من بيع الوهم؟
وفقًا لخبراء، فإن معظم من يروّجون لهذه الفكرة يجنون المال من بيع دورات تدريبية وملفات تعليمية أكثر من بيع الكتب نفسها.
فبمجرد أن يحصلوا على بريدك الإلكتروني لتحميل دليل مجاني، تنهال عليك الدعوات للانضمام إلى مجموعات مدفوعة قد تصل كلفتها إلى 1500 دولار شهريًا.
الذكاء الاصطناعي يكتب، لكن الجودة لها ثمن
ذكر إيان لامون، مؤسس شركة نشر رقمية، لموقع NewsNation أن "شات جي بي تي" يمكنه توليد قصص بسيطة للأطفال، لكن كتابة روايات جيدة لا تزال خارج قدراته.
وأضاف: "حتى لو كان من السهل نشر الكتاب على أمازون، فإن البقاء في مقدمة نتائج البحث يتطلب إما حملة تسويق قوية أو دفع أموال للإعلانات".
الجوانب القانونية: المنطقة الرمادية لا تزال قائمة
من الناحية القانونية، ما يزال استخدام الذكاء الاصطناعي في النشر منطقة رمادية.
إذ لا يمكن التأكد دائمًا من مصدر المعلومات التي يعتمد عليها "شات جي بي تي"، ما يطرح تساؤلات حول حقوق النشر.
وتؤكد أمازون أنها تطالب المؤلفين بالإفصاح إذا كان محتواهم مولّدًا بالذكاء الاصطناعي، كما شددت إجراءات التحقق من هوية الناشرين مؤخرًا.
بالإضافة إلى ذلك، كشفت يوتيوب العام الماضي عن سلسلة من الإجراءات لحماية محتوى الناشرين من الانتهاك باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي.
الخلاصة: ليست وظيفة سهلة كما يبدو ويروج البعض
رغم أن الذكاء الاصطناعي سهّل إنشاء المحتوى، فإن فكرة تحقيق ثروة من كتب الأطفال دون جهد لا تعكس الحقيقة.
فالسوق مزدحم، والمنافسة عالية، والتسويق ضرورة لا مفر منها. النجاح في هذا المجال ممكن، لكن فقط لمن يملك خطة واضحة، ومحتوى مميز، واستعدادًا للعمل الجاد.