تواصل جوجل تطوير تجربة البحث عبر الإنترنت بإطلاق ميزة جديدة تحت اسم "وضع الذكاء الاصطناعي" (AI Mode).
تسمح هذه التقنية الجديدة للمستخدمين بطرح أسئلة مركبة ومتعددة الأجزاء، مع إمكانية متابعة الاستفسارات للحصول على إجابات أكثر تعمقًا داخل محرك البحث نفسه.
تأتي هذه الخطوة في إطار المنافسة الشرسة مع خدمات مثل Perplexity AI وChatGPT Search، وتعكس توجه جوجل نحو دمج الذكاء الاصطناعي بشكل أوسع في نتائج البحث.
كيف يعمل "وضع الذكاء الاصطناعي - AI Mode"
تعتمد الميزة الجديدة على نموذج Gemini 2.0، الذي يحسن من قدرة البحث على معالجة الأسئلة المعقدة وتقديم مقارنات دقيقة بفضل إمكانياته المتطورة في الاستدلال والتحليل المتعدد الوسائط.
وعند تفعيل هذا الوضع، يمكن للمستخدمين الحصول على إجابات تفصيلية مدعومة بروابط للمصادر المستخدمة، وهو ما يساعدهم على التحقق من المعلومات بسهولة.
على سبيل المثال، عند البحث عن "ما الفرق بين الكاميرات في هواتف آيفون وسامسونج من حيث التصوير الليلي؟"، سيقوم "وضع الذكاء الاصطناعي" بعرض مقارنة تفصيلية لميزات التصوير الليلي في أحدث هواتف الشركتين"، مع روابط لمصادر تدعم التحليل.
بعد ذلك، يمكنك طرح استفسار إضافي مثل "أي من الهاتفين يقدم تفاصيل أكثر دقة في الإضاءة المنخفضة؟"، ليواصل النظام تقديم إجابات متسلسلة دون الحاجة إلى بدء بحث جديد من الصفر.
ووفقًا لجوجل، فإن المستخدمين الذين اختبروا "AI Mode" يميلون إلى كتابة استفسارات أطول بمقدار الضعف مقارنة بعمليات البحث التقليدية.
كما أنهم يطرحون أسئلة متابعة بنسبة 25٪ من الوقت.
ولذلك، تشير هذه الديناميكية الجديدة إلى تحول ملحوظ في طريقة البحث، حيث أصبح بإمكان المستخدمين استكشاف موضوعات معقدة بمزيد من السلاسة دون الحاجة إلى تنفيذ عمليات بحث متعددة.
آلية البحث الجديدة: توسيع نطاق النتائج
يعتمد "AI Mode" على تقنية "التشعب الاستعلامي" (Query Fan-out)، التي تتيح له
- إجراء عمليات بحث متعددة متزامنة عبر مصادر بيانات مختلفة
- ثم دمج النتائج في إجابة واحدة واضحة.
هذه الطريقة تمنح المستخدم معلومات أشمل دون الحاجة إلى التنقل بين عدة صفحات.
ومع ذلك، يؤكد مسؤولو جوجل أن هذه التقنية لا تخلو من الأخطاء، مثل أي نظام ذكاء اصطناعي آخر.
لذا، عند التعامل مع مجالات حساسة مثل الصحة، قد يكتفي النظام بعرض روابط موثوقة بدلاً من تقديم إجابة مباشرة، لضمان دقة المعلومات المقدمة.
توسيع نطاق الأداة الجديدة وتطويرها
في المرحلة الأولى، تتوفر هذه الميزة لمشتركي Google One AI Premium عبر Search Labs، حيث يمكنهم تفعيلها من خلال صفحة البحث أو تطبيق جوجل.
كما تعمل الشركة على تحسين التجربة عبر إضافة عناصر مرئية أكثر، وربط النتائج بمحتوى متنوع، مثل مقاطع الفيديو والمحتوى الذي ينشئه المستخدمون.
وبالتزامن مع هذا التطوير، أعلنت جوجل أيضًا عن تحديثات في ميزة "نظرة عامة الذكاء الاصطناعي" (AI Overviews).
حيث أصبحت تعتمد على Gemini 2.0 لتقديم إجابات أكثر دقة في مجالات مثل البرمجة والرياضيات المتقدمة.
كما أصبح بإمكان المستخدمين غير المسجلين في حسابات جوجل الوصول إلى هذه الميزة، إلى جانب دعمها للمراهقين لأول مرة.
تأثير الذكاء الاصطناعي على مستقبل البحث
مع استمرار جوجل في دمج الذكاء الاصطناعي في البحث، يثار تساؤل حول مدى تأثير ذلك على حركة المرور إلى المواقع الإلكترونية.
ورغم المخاوف من تقليل عدد النقرات على الروابط، تؤكد الشركة أن هذه الأدوات تساعد المستخدمين على فهم السياق بشكل أفضل، مما يجعلهم أكثر اهتمامًا بالمصادر المرتبطة.
ويشير خبراء البحث في جوجل إلى أن "وضع الذكاء الاصطناعي" لا يهدف إلى استبدال البحث التقليدي، بل إلى توسيع قدراته، مما يسمح للمستخدمين باستكشاف الموضوعات بطرق جديدة وأكثر تفاعلية.
ومع استمرار التجارب، قد يشهد هذا النموذج تحسينات إضافية لتعزيز دقته وفعاليته في تقديم المعلومات.
ولكن على أية حال. من الواضح أن هذا الجدال بين الناشرين وشركات البحث سيظل قائماً، على الأقل في الوضع الراهن.
فبرغم هذه الإشارات الإيجابية من الشركة، هناك ادعاءات على الجانب الآخر تشير إلى تأثير الذكاء الاصطناعي السلبي على انخفاض زيارات المواقع.
وبين هذا وذاك، يبقى من المهم مواصلة السعي للوصول إلى طريقة تقدم أفضل تجربة للمستخدمين، ولا تضر بالناشرين.
